سورة الشورى - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشورى)


        


{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ} فما له من أحد يلي هدايته بعد إضلال الله إياه ويمنعه من عذاب الله، {وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ} يوم القيامة، {يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} يسألون الرجعة في الدنيا. {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} أي: على النار، {خَاشِعِينَ} خاضعين متواضعين، {مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} خفي النظر لما عليهم من الذل يسارقون النظر إلى النار خوفًا منها وذلة في أنفسهم. وقيل: {من} بمعنى الباء أي: بطرف خفي ضعيف من الذل. وقيل: إنما قال: {من طرف خفي} لأنه لا يفتح عينه إنما ينظر ببعضها. وقيل: معناه ينظرون إلى النار بقلوبهم لأنهم يحشرون عميًا، والنظر بالقلب خفي. {وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} قيل: خسروا أنفسهم بأن صاروا إلى النار، وأهليهم بأن صاروا لغيرهم في الجنة. {أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ}.
{وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ} طريق إلى الصواب وإلى الوصول إلى الحق في الدنيا والجنة في العقبى، قد انسد عليهم طريق الخير.
{اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ} أجيبوا داعي الله يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم، {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} لا يقدر أحد على دفعه وهو يوم القيامة {مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ} تلجأون إليه {يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ} من منكر يغير ما بكم.


{فَإِنْ أَعْرَضُوا} عن الإجابة، {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ} ما عليك، {إِلا الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً} قال ابن عباس: يعني الغنى والصحة. {فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} قحط، {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإنْسَانَ كَفُورٌ} أي: لما تقدم من نعمة الله عليه ينسى ويجحد بأول شدة جميع ما سلف من النعم.
{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} له التصرف فيهما بما يريد، {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا} فلا يكون له ولد ذكر، قيل: من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، لأن الله تعالى بدأ بالإناث، {وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} فلا يكون له أنثى.
{أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا} يجمع له بينهما فيولد له الذكور والإناث، {وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} فلا يلد ولا يولد له. قيل: هذا في الأنبياء عليهم السلام {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا} يعني: لوطا لم يولد له ذكر إنما ولد له ابنتان، {وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} يعني: إبراهيم عليه السلام لم يولد له أنثى، {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا} يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم ولد له بنون وبنات، {وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} يحيى وعيسى عليهما السلام لم يولد لهما، وهذا على وجه التمثيل، والآية عامة في حق كافة الناس. {إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}.
قوله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا} وذلك أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا تكلم الله وتنظر إليه، إن كنت نبيًا، كما كلمه موسى ونظر إليه؟ فقال: لم ينظر موسى إلى الله عز وجل، فأنزل الله تعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيًا} يوحي إليه في المنام أو بالإلهام، {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} يسمعه كلامه ولا يراه، كما كلمه موسى عليه الصلاة والسلام، {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا} إما جبريل أو غيره من الملائكة، {فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} أي: يوحي ذلك الرسول إلى المرسل إليه بإذن الله ما يشاء.
قرأ نافع: {أو يرسل} برفع اللام على الابتداء، {فيوحي} ساكنة الياء، وقرأ الآخرون بنصب اللام والياء عطفًا على محل الوحي لأن معناه: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا أن يوحي إليه أو يرسل رسولا. {إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}.


{وَكَذَلِكَ} أي: كما أوحينا إلى سائر رسلنا، {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} قال ابن عباس: نبوة. وقال الحسن: رحمة. وقال السدي ومقاتل: وحيًا. وقال الكلبي: كتابًا. وقال الربيع: جبريل. وقال مالك بن دينار: يعني القرآن. {مَا كُنْتَ تَدْرِي} قبل الوحي، {مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ} يعني شرائع الإيمان ومعالمه، قال محمد بن إسحاق بن خزيمة: {الإيمان} في هذا الموضع: الصلاة، ودليله: قوله عز وجل: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} [البقرة 143].
وأهل الأصول على أن الأنبياء عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعبد الله قبل الوحي على دين إبراهيم، ولم يتبين له شرائع دينه.
{وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا} قال ابن عباس: يعني الإيمان. وقال السدي: يعني القرآن. {نَهْدِي بِهِ} نرشد به، {مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي} أي لتدعو، {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} يعني الإسلام.
{صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ} أي: أمور الخلائق كلها في الآخرة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6